130- اللام المُوْصِلة إلى المفعول
· قال صاحب (جامع الدروس العربية 3/14): «فإذا كان الفعل ناصباً لمفعولَيْن، فالأصلُ تقديم المفعول الأول، لأن أصلَه المبتدأُ، في باب (ظَنَّ)، ولأنه فاعلٌ في المعنى في باب (أعطى)، نحو: (ظَنَنْتُ البَدْرَ طالعاً) [الأصل: البَدْرُ طالعٌ]، ونحو: (أعطيتُ سعيداً الكتابَ) [(سعيد) و(الكتاب) ليس أصلهما مبتدأ وخبر]. ويجوز العكس إنْ أُمِنَ اللَّبْس، نحو: (ظننتُ طالعاً البدرَ)، ونحو: (أعطيتُ الكتابَ سعيداً).»
· جاء في كتاب (اللامات /161) للزَّجّاجيّ بتحقيق د. مازن المبارك، بابٌ عنوانه: (باب اللام التي تكون موصِلةً لبعض الأفعال إلى مفعولِيْها وقد يجوز حذفها): «وذلك قولُك: نصحتُ زيداً، ونصحتُ لزيد، والمعنى واحد.
وكذلك تقول: شكرتُ لزيدٍ وشكرتُهُ… وكذلك تقول: كِلْتُ لزيدٍ الطعامَ وكِلْتُهُ الطعامَ.» وعلى هذا: كِلْتُ زيداً الطعامَ= كلتُ لزيدٍ الطعامَ!
ثم يستدرك الزجّاجي فيقول: «وهذا ليس بِمَقِيْس، أعني إدخال هذه اللام بين المفعول والفعل… ألا ترى أنه غير جائزٍ أن يقال: ضربتُ لزيدٍ وأكرمتُ لعَمْرٍو، وأنت تريد: ضربتُ زيداً وأكرمتُ عَمْراً.»
]لا حاجة إلى زيادة واو (عمرو) عند تنوين النصب، لأن (عُمَر) لا يُنوَّن! ممنوع من التنوين (الصَّرْف)[.
· وقولُه (وهذا ليس بمقيس، إلخ…) معناه أن عِلَّة عدم جواز القياس هي فساد المعنى.
فإذا لم يتغير المعنى أمكن القياس؛ أي في وسعنا استعمال هذه اللام مع بعض الأفعال المتعدية بنفسها إلى مفعولَيْن ليس أصلهما مبتدأ وخبر، على غرار (كالَ زيداً الطعامَ).
ألا ترى أن قولَك: (أعطيتُ لسعيدٍ الكتابَ) أو (أعطيتُ الكتابَ لسعيدٍ) يؤدي معنى (أعطيتُ سعيداً الكتابَ)؟
· يقال في اللغة: أَوْلَى فلاناً معروفاً: أي صَنَعَهُ إليه.
أولى فلاناً ثِقَتَهُ: أي مَنَحَهُ إيّاها.
قلت: ألا يبقى المعنى على حاله إذا قيل: أولى لفلانٍ معروفاً / أولى معروفاً لفلان. أولى لفلانٍ ثِقَتَه / أولى ثقتَه لفلان؟
ملاحظة مهمة:
إن جواز تقديم المفعول الثاني على المفعول الأول لا يعنى أن المعنى لا يتغير البتة. وتبحث كتب البلاغة دواعي التقديم والتأخير ودلالاتهما.
· استناداً إلى ما سبق أرى أنه لم يخطئ الذي قال:
«…مع إيلاءِ عنايةٍ خاصةٍ للطرفين»
والأصل أن يقول: «…مع إيلاء الطرفين عنايةً خاصةً…»
· وليس هذا شأن الذي قال: «…تُوْلى عنايةٌ خاصة بالفروق بين الألفاظ…»
والوجه أن يقول: «…تُوْلى عناية خاصة للفروق…»
والأصل: «…تُولى الفروق عنايةً خاصة…»
· يقال: «…مَنَحَ فلاناً ثِقَتَهُ.»
ويمكن القول: «منح لفلانٍ ثِقتَه / منح ثِقتَه لفلان.»
· يقال: «أعار فلاناً الشيءَ: أعطاه إيّاه عاريَّةً»، (كأنه قيل: أعطاه إياه وقتياً (موقتاً)، لأن العارِيَّة= العارَة: ما تعطيه غيرَك على أن يُعيده إليك. يقال: كلُّ عارةٍ مُسْتَرَدّة).
ومن المجاز ما قاله كاتبٌ: «ونُعِيْر اهتماماً أعظمَ لِسَدَّ هذا النقص الكبير في المعاجم.»
الأصل: نُعير سدَّ النقص اهتماماً.
أو: نعير اهتماماً لسدِّ النقص.